الاثنين، يناير 04، 2010

خواطر حول النموذج الاقتصادي للويب 2.0 -- 2

بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و بعد...

ذكرت في المقال السابق بعض الخواطر حول النموذج الاقتصادي للويب 2.0, و لعلها كانت إشاراقات مضيئة لمن يريد أن يلج الباب, لكن مع تخوف الكثيرين من اقتراب فقاعة الإنترنت الثانية, كان لزاما أن نشفع ما ذكرناه من قبل بتصويب لبعض الأخطاء - وإن شئت فسمها تبديد لبعض الأوهام - التي أحاطت بالويب 2.0, و يمكننا أن نوجز ما نريده في النقاط التالية:

1- ابتداء مشروع تجاري على الويب 2,0 رخيص جدا:
- هذا الاعتقاد ناتج عن الخلط بين تكلفة بناء المنتج أو الخدمة و بين تكلفة إنشاء مشروع تجاري مربح حول المنتج أو الخدمة!
- فالويب 2.0 رخصت بالفعل تكاليف إنشاء المشروعات التجارية, حتى أنه أصبح من السهل جدا أن يشتري أناس غير تقنيين برمجيات جاهزة تحاكي خدمات الويب 2.0 الشهيرة مثل يو تيوب YouTube و دِج Digg. لكن هذا لفت انتباه الكثيرين إلى هذه التقنية الجديدة, و هذا بالطبع أدى إلى دخول المزيد من أصحاب المشاريع إلى السوق, مما يعني في النهاية احتدام المنافسة!
- يبقى أن نقول إن رأس المال لم يزل يُنظر إليه أنه ميزة تنافسية مهمة جدا عند ابتداء أي مشروع.

2- نمو الشركات سهل جدا عبر الشبكات الاجتماعية Social Networks
- النجاح الذي حققته مواقع مثل الفيس بوك Facebook و يوتيوب YouTube هو أحد أسباب الاعتقاد الأول الذي ذكرناه. و الفكرة تتلخص ببساطة أنه بابتداء أي مشروع تجاري عبر الويب, و بدعوة عدد من الأصدقاء و استخدام آليات الشبكات الاجتماعية Social Networking يمكنك أن تحقق الانتشار المرجو لمشروعك ثم تبدأ في جني الأرباح في وقت قصير. و هذا النموذج مُغرٍ بالطبع لكثير من الشركات.
- من أصعب التحديات و أكثرها كلفة على أي مشروع تجاري هو كيفية التسويق لمنتجاته. و هذا الاعتقاد الذي ذكرناه يفترض أن هذا الأسلوب في الانتشار يقلل أو يمحو تكاليف التسويق و الانتشار! لكن الحقيقة المرة أن الفيس بوك Facebook و اليوتيوب YouTube, هما الحالة الاستثنائية و ليسا الأصل, بل الأسوأ من ذلك أن هذه الاستثناءات سيتقلص عددها باشتعال المنافسة كلما دخل لاعب جديد إلى السوق!
- و نصل هنا إلى نفس النتيجة التي وصلنا لها من النقطة الأولى, و هي أهمية وجود رأس مال مناسب, لكنا نضيف إلى ذلك أن الإبداع في استراتيجيات التسويق يبقى هو المحك في تحقيق الانتشار و الربح المطلوب.

3- الإعلانات هي أفضل وسائل الربح عبر الويب 2.0.
- كما ذكرنا في المقال السابق, التربح من الإعلانات يتبع سياسة "الذيل الطويل The Long Tail" أي أنك لن تربح كثيرا إلا إذا كان موقعك شهيرا, له زوار كثيرون. و هذا هو واقع الكثير من المواقع التي تربح جيدا من الإعلانات مثل فيس بوك Facebook و ماي سبيس MySpace, و يوتيوب YouTube.
- و في نفس السياق نذكر أن الإعلانات لكي تكون مربحة فعلا فلا بد أن تكون موجهة توجيها دقيقا ( يعني للأشخاص المناسبين و في الوقت المناسب و المكان المناسب).
- و هذا يقودنا إلى الاعتقاد الخاطيء التالي:

4- المزيد من أعداد مستخدمي الإنترنت يعني المزيد من فرص الربح
- بالرغم أن عدد مستخدمي الإنترنت في ازديدا إلا أن هذا لا يعني أن فرص النجاح أكبر, فأكثر مستخدمي الإنترنت الجدد من بلاد أخرى (لغتهم غير لغتك, فكيف ستجذبهم؟), و أكثرهم صغيري السن (لا يشترون شيئا), بل و أكثرهم ليس على دراية كافية بالطرق المثلى لاستخدام الويب.

5- هناك الكثير من الشركات الكبرى التي يمكنها شراء مشروعي إذا نجح
- أذكت صفقةُ استحواذ غوغل Google على يوتيوب YouTube التفكيرَ في ابتداء المشاريع فقط - و ليس التفكير في نجاحها على المدى البعيد - ثم بيعها لشركات أخرى.
- تكمن المشكلة في هذا التفكير أن شركات الويب 2,0 الناشئة تجاوز عددها الشركات الكبرى التي يمكن أن تستحوذ عليها, و هذا يعني أنه - حتى لو اشترت الشركات الكبرى بعض الشركات الصغرى - سيبقى الكثير من الشركات لم يشترها أحد!
- أضف إلى ذلك أن مشروع الويب 2,0 إذا بدأ بداية قوية فسيجد من يموله تمويلا جيدا ليدفعه إلى الأمام, مما يعني أن ثمن شراءه لن يكون رخيصا, و سيؤدي ذلك إلى خروجه من دائرة الاستهداف من قبل الشركات الكبرى التي حينها ستفضل أن تقلد الفكرة و تطورها بنفسها (لا تنس أن تكاليف بناء المنتجات و الخدمات على ويب 2.0 رخيصة!).

6- النجاح على الويب 2.0 أقرب إلى أحدنا من شراك نعله!
- يظن الكثير من الناس أن النجاح على الويب سهل المنال خاصة إذا علم أن أكثر مواقع الويب 2.0 نجاحا مثل يوتيوب YouTube و فيس بوك Facebook و دج Digg أسسها شباب صغار السن. و الحقيقة التي يغفل عنها الكثيرون أن هذا هو الاستثناء و ليس الأصل.
- هذه النجاحات الاستثنائية ينبغي ألا تنسينا أن العلم و الخبرة و المهارة و العلاقات الاجتماعية, و قبل ذلك التوكل على الله و الاستعانة بأسباب الرزق الشرعية هي أهم أسباب النجاح لأي شركة مبتدئة.

أسأل الله أن يوفقنا لما يحبه و يرضاه و يوسع علينا أرزاقنا الحلال, إن ولي ذلك و القدار عليه... و السلام.

ليست هناك تعليقات: