الجمعة، فبراير 13، 2009

العلمانيون و فلسطين: ستون عاما من الفشل.... و ماذا بعد؟ (1)


بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله, و بعد...

من أكثر الناس الذين تعجبني كتاباتهم: [الدكتور عبد العزيز مصطفى كامل, و هو كاتب ومفكر إسلامي مصري وعضو هيئة تحرير مجلة "البيان" الصادرة في لندن، والمشرف العام على موقع (لواء الشريعة)، وقد حصل د.عبد العزيز كامل على درجة الماجستير في الشريعة الإسلامية من جامعة الإمام بالمملكة العربية السعودية، ونال الدكتوراه في الشريعة أيضاً من جامعة الأزهر الشريف في مصر، وله العديد من المؤلفات والمقالات المتنوعة. ومن كتبه "معركة الثوابت بين الإسلام والليبرالية"، و"أمريكا وإسرائيل.. وعقدة الدم" ،و "العلمانية إمبراطورية النفاق"، وآخر كتبه "العلمانيون وفلسطين: ستون عاماً من الفشل، وماذا بعد؟"](1)و هو الكتاب الذي سنتناوله في هذه المقالات...

قال مؤلف الكتاب - حفظه الله- "ليس المقصود بهذه الدراسة التعمق في التحليلات السياسية أو المقارنات التاريخية أو التأصيلات المنهجية, و لكن التذكير بخلاصة الحقائق الكبرى و المعالم الرئيسة, التي تتوه - على الرغم من ضخامتها - بين ركام التفاصيل الصغيرة التي تزدحم بها ذاكرتنا المنسية." و لذلك لن أعد ما أنقله هنا - بتصرف - عن الكتاب تلخيصا(2), فالكتاب أصلا ملخص لما جرى من أحداث, و لكني سأنقل منه ما أُراه أكثرها أهمية, عسى أن ينتفع بها منتفع.

* مقتطفات من المقدمة:
- لقد مضى في الخامس عشر من شهر مايو لعام 2008 ستون عاما على إعلان قيام دولة اليهود (إسرائيل), تلك الدولة المسخ التي زرعتها أحقاد الغرب, بينما تعهدتها بالري و النماء أخطاء العرب.
- فقد كانت "علمانية(3) المعركة" هي الشعار المرفوع من طرف العرب في السر و العلن, و بواقع الحال إن لم يكن بلسان المقال, و المسوّغ المعلن في ذلك كان و لا يزال: حرمان العدو من تحويل الصراع إلى صراع ديني!!!
- فلو افترضنا جدلا أن عدونا الذي اغتصب أرض بيت المقدس, هو مجرد عصابات أو جماعات علمانية غير دينية, بل إلحاديةْْ, فما المانع من أن نواجه هؤلاء الملحدين بسلاح العقيدة و الدين, كما واجه أسلافنا أعداءهم من كافة الملل التي لا تدين إلا بدين باطل أو بلا دين على الإطلاق؟!
- لقد تلقت الأمة دروسا عملية واضحة في العقود و السنين الأخيرة, تؤكد أن رفع المسلمين للراية الإسلامية في معاركها المصيرية في بقاع شتى من الأرض, قد أعطى ثمرات لم نكن أبدا نراها طوال معارك الأمة مع أعدائها تحت الراية العلمانية. و يكفينا في ذلك أن نقول: إن جهاد خمس سنوات من عمر المقاومة في العراق ضد أمريكا تحت الراية الإسلامية قد فاق بمراحل كبيرة, ما أنجزته الزعامات العلمانية خلال الأعوام الستين من عمر القضية الفلسطينية, هذا إن افترضنا أنه كانت لهم إنجازات مؤثرة أو حقيقية. فإذا وضعنا في الحسبان أيضا الفارق الكبير بين قدرات العدو الأمريكي في العراق و الإسرائيلي في فلسطين, و بين القدرات المادية و العسكرية المحدودة للمقاومة العراقية, مقارنة بإمكانات مجموع العروش و الجيوش العربية, لتبين من مجموع ذلك حقيقة الفرق بين القتال تحت الراية الأمريكية, و القتال تحت راية "عُمِّية", و دعوات جاهلية.
- و الواقع أن العدو تعمد أن يصبغ الصراع بالصبغة الاعتقادية في أبرز معالمه, بدءا من اختيار اسم هذه الدولة (إسرائيل), على اسم نبيٍّ هو يعقوب عليه السلام, و رمزها (نجمة داود), التي ترمز لسطوع عصر المسيح المنتظر من نسل داود, و دستور تلك الدولة (التوراة), حيث لم يوضع لدولتهم دستور مكتوب غيرها, و أيضا شعار تلك الدولة (أرض الميعاد من النيل إلى الفرات), المرموز له في العَلَم الإسرائيلي بالخطين الأزرقين, و كذلك حلم هذه الدولة التاريخي بإعادة بناء (هيكل سليمان) في (أورشليم القدس), حيث يتطلع اليهود لمجيء ملك من نسل داود يحكمون معه العالم من ذلك الهيكل, الذي اتخذوا من (الشمعدان) الذي يضيئ داخل (قدس الأقداس) داخله, اتخذوا منه شعارا لجهاز الدولة و أنظمتها.
- أما بنو قومنا الذين تصدروا في واجهة المواجهة (الرسمية) لليهود, فإنهم صغروا الصراع و حقروه و حولوه من صراع أممي إسلامي, إلى صراع قومي عربي, فأطلقوا على هذا الصراع وصف (الصراع العربي الإسرائيلي) مرة, و (معركة القومية العربية) مرة أخرى, ثم استجابوا لتسمية التعمية التي أطلقها الغربيون على تلك النازلة, عندما أطلقوا عليها وصف (أزمة اشرق الأوسط) فصارت أزمة لا تخص إلا "دول الطوق", ثم دول "الصمود و التحدي", لتتحول تلك الأزمة بعد ذلك إلى "نزاع: بين الفلسطينين و الإسرائيلين - كما يشيع الإعلام العلماني منذ عقدين - لينحصر الصراع في النهاية إلى "مشكلة أمنية" بين حماس الإسلامية المحاصرة المطاردة, و بين دولة اليهود التي تساندها قوى الطغيان الدولي كلها!
- لذلك لم يكن غريبا و لا عجيبا أن يتسلل و يتسلسل الإخفاق و الفشل في الأداء العربي الرسمي طوال تلك العقود السابقة من عمر القضية, سواء في ميادين الحرب أو على موائد السلام.
و هو ما تناوله المؤلف في ثنايا كتابه...
و للحديث صلة, و السلام...
--------
(1) المعلومات عن الشيخ نقلتها بتصرف يسيرعن مقالة بمقاومة العدوان مارس السلفيون أعلى درجات السياسة
(2) هذه ملخصات أخرى للكتاب - لمن أراد - : الملخص الأول- الملخص الثاني
(3) لفظة (العلمانية)ترجمة خاطئة لكلمة (سيكولاريزم Secularism), في الإنكليزية, و هي كلمة لا صلة لها بالعلم. و الترجمة الصحيحة لتلك الكلمة هي: (اللادينية) أو (الدنيوية) أي: الحياة بلا دين. و التعبيرالشائع في الأدبيات العربية و الإسلامية أن العلمانية هي فصل الدين عن السياسة, و الأصح أن معناها: فصل الدين عن الحياة على مستوى الفرد و المجموع. و لكن هناك علمانية غير معادية للدين, و هي الموجودة في المجتمعات الرأسمالية الليبرالية, و علمانية معادية للدين و هي الشائعة في المجتمعات الإلحادية الشيوعية, لكن كليهما مناقض للإيمان, و بعضهم يفرق بين (العلمانية الشاملة) التي تفصل الدين عن الحياة كليا, و بين (العلمانية الجزئية) التي تفصل الدين عن شؤون الدولة فقط, فيقبل هؤلاء الثانية و لا يقبلون الأولى, و كلا النظرتين في التعامل مع الشريعة في الإسلام, كفر بيّن لمن اعتقده عالما قاصدا, فلا يقبل فصل الدين عن الحياة أو فصل الدين عن الدولة.