الثلاثاء، فبراير 09، 2010

اقتصاديات البرمجيات مفتوحة المصدر: كيف تربح الشركات من البرمجيات مفتوحة المصدر؟--2 Open source economics

بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و بعد...
كان المقال السابق مقدمة و مدخلا لاقتصاديات البرمجيات مفتوحة المصدر, و في هذه المقالة ندخل في صلب الموضوع و نتحدث عن الطرق الفعلية لجني الأرباح من البرمجيات مفتوحة المصدر, فإليكموها:

1- العقود الدائمة Subscription:
- و هي عقود محددة بفترة زمنية - سنة مثلا - يدفع فيها الزبون مبلغا من المال مقابل الحصول على خدمات على البرنامج مفتوح المصدر,كخدمات الدعم الفني technical support و الصيانة و تحديث البرنامج ...إلخ.
- و هي من أشهر الطرق المستخدمة في جني الأرباح من البرمجيات مفتوحة المصدر, و من أمثلة من يتبع هذه الطريقة الشهيرة, شركة رد هات Red Hat.
- و مثل هذا العقود تجريها الكثير من الشركات بصورة فيها غرر بَيِّن مما يجعلها مشابهة للتأمين التجاري المحرم, و لذا وجب مراجعة الضوابط الشرعية لإجراء مثل هذه العقود لتتم بصورة يرضاها الشرع, و قد نقلت لكم فتوى حول هذا الموضوع من قبل, فلتراجَع.
- ميزة هذه الطريقة أنها تضمن للشركة مقدمة الخدمة مصدرا ثابتا من الدخل -نسبيا-.
- عيب هذه الطريقة أنه يتوجب على الشركة مقدمة الخدمة أن تقدم دائما للعميل قيمة مضافة يحرص بموجبها على تجديد العقد معها.

2- الخدمات الارتجالية Ad hoc Services:

- في هذه الطريقة تقدم الشركة خدمات مثل بيع منتجات فيزيائية كأقراص CD توزيع البرنامج مفتوح المصدر أو تعليمات الاستخدام, أو خدمات للبرنامج مفتوح المصدر, كخدمات التدريب و الخدمات الاستشارية و خدمات الدعم الفني ...إلخ.
- هذه أيضا من الطرق الشهيرة المستخدمة في جني الأرباح من البرمجيات مفتوحة المصدر, و تطبقها أيضا شركة رد هات Red Hat. و هناك دور نشر تبيع كتبا حول البرامج مفتوحة المصدر و لا تساهم في تطويرهذه البرمجيات كشركة أورييلي O'Rielly
- ميزة هذه الطريقة أن العميل سيحتاج دائما لخدمات مكملة للبرنامج.
- و يعيب هذه الطريقة أن حجم الصفقات التي تتم بهذه الطريقة لا يمكن التنبوء به, و لذلك فهي لا تصلح أن تعتمد عليها الشركات
كمصدر أساسي للربح.

3- العتاد المضمّن Embedded Hardware:

- في هذه الطريقة تبيع الشركة عتادا hardware لكن تضمنه برنامجا مفتوح المصدر, و دور البرنامج هنا يتجلى في تدعيم هذا العتاد لرفع مستوى أدائه و زيادة مرونته و تخفيض كلفته.
- فعلى سبيل المثال هناك العديد من الشركات التي تبيع حواسيبا معدة مسبقا بتوزيعات لينكس Linux مختلفة. و اللينكس أيضا مستخدم في كثير من الأنظمة المضمّنة Embedded Systems و الهواتف الجوالة Mobile Phones.
- كما أن هناك بعض الشركات تبيع عتادا متوافقا للعمل مع برمجيات مفتوحة المصدر كشركة ديغيام Digium التي تبيع كروت تليفونات Telephony cards متوافقة للعمل على السنترال PBX الشهير أسترسك Asterisk.
- ميزة هذه الطريقة أن البرنامج و العتاد يكمل بعضهما بعضا, و لا تكون القيمة المضافة في البرنامج فقط, بل إن مهارة الشركة ستتجلى هنا في إنتاج عتاد متميز في الأداء و المرونة و التكلفة.
- أما عيب هذه الطريقة فهو أن استخدام البرمجيات مفتوحة المصدر في حد ذاته قد لا يمثل حافزا للعملاء أن يشتروا منك عتادك, إذ أن هناك شركات أخرى تنافسك في نقطة قوتك: العتاد.

4- البرمجيات المضمنة Embedded Software:
- في هذه الطريقة يُضمّن البرنامج مفتوح المصدر في برنامج آخر تجاري أكبر منه.
- و لا تزال معنا شركة رد هات Red Hat كمثال على تطبيق هذه الطريقة, فرد هات تبيع نسخة لينكس المؤسسية Red Hat Enterprise Linux و التي زادت فيها عن نسخ اللينكس الأخرى خدمات و إضافات تجني منها أرباحا (فهي مثلا تعطي ضمانا لمدة سبع سنوات لمن يشتري هذه النسخة!). لكن يلاحظ هنا أن رد هات تقدم هذه المميزات على نسخة التشغيل النهائية binaries و ليس على النص البرمجي source code للينكس (الذي ما زال مفتوح المصدر أيضا!). مثال آخر: بنت شركة صن Sun - المملوكة الآن لشركة أوراكل Oracle- برنامجها التجاري ستار أوفيس Star Office حول برنامجها الآخر مفتوح المصدر أوبن أوفيس Open Office.
- ميزة هذه الطريقة أن القيمة المضافة تأتي من الباقة package التي تقدمها الشركة ككل (البرنامج مفتوح المصدر + الخدمات و الإضافات) و ليس من البرنامج فحسب, و كلما تميزت الخدمات و الإضافات كلما زادت التفرقة بين النسخ المجانية و النسخ التجارية, مما يمثل حافزا للزبائن أن يشتروا منك دون الاعتماد على النسخة المجانية.
- لكن ينبغى على الشركات أن تأخذ في اعتبارها أنه قد يُنظر إليها على أنها شركة تحاول "نهب" برنامج مفتوح المصدر, و تحاول تجنب هذه النظرة بقدر استطاعتها.


5- تضمين الوظائف Functional Encapsulation :
- في هذه الطريقة يكون البرنامج مفتوح المصدر محمّلا installed على حاسب المستخدم, و تقوم أنت باستخدام وظائف هذا البرنامج في برنامجك التجاري من غير أن تستخدم النص البرمجي source code للبرنامج مفتوح المصدر.
- و قد استخدمت أنا هذه الطريقة من قبل :).

6- البرمجيات كخدمات Software as a Service(SaaS):
- و هذه من أحدث الصيحات في البرمجة عموما (و قد ذكرت ذلك من قبل عند الحديث عن اتجاهات صناعة البرمجيات لعام 2010, عند ذكر الاتجاه نحو الويب و الحوسبة السحابية Cloud Computing), و تعني أن تؤجر للمستخدمين استخدام البرنامج عبر الويب بدلا من أن تبيعه لهم.
- و هذه طريقة واعدة, إذ أن بإمكانك أن تستخدم أي برنامج مفتوح المصدر - مهما كانت رخصة استخدامه - و تعدّل فيه كما تشاء ثم تؤجر استخدامه للزبائن من غير أن تهتم بإعادة نشر تعديلاتك على البرنامج الأصلي (فالمستخدم لن يحمّل install أي برنامج على حاسبه بل سيعتمد على المتصفح internet browser في استخدام البرنامج) و بذلك تتجنب التنافس المتولد عن إتاحة النص البرمجي source code.
- بسبب الميزات القوية التي تتيحها هذه الطريقة, فإن الشركات الرائدة تعتمد عليها في درّ أرباح بطريقة مباشرة أو غير مباشرة, كشركة غوغل Google و سيلز فورس Salesforce.com و غيرهما.

7- الإعلانات Advertising:
- في هذه الطريقة تقدم الشركات البرنامج في صورة مجانية أو مفتوحة المصدر لكن تجني أرباحا من الإعلانات, إما بوضعها بصورة مباشرة في البرنامج (مثل ما تحصل عليه موزيلا Mozilla من غوغل Google من جراء جعل الصفحة الافتراضية في متصفحها الشهير - مفتوح المصدر - فايرفوكس Firefox هي صفحة البحث في غوغل) أو بتضمين خدمة من شركة أخرى في برنامجها (كما تفعل موزيلا أيضا في فايرفوكس من جعل غوغل هو أداة البحث الافتراضية, و من تضمين أدوات بحث لشركات أخرى معدة مسبقا مع البرنامج. نفس الطريقة تتبعها ديغيام Digium في برنامج أسترسك Asterisk الذي يُحمّل مسبقا بإعدادات تتيح له الاتصال بمقدمي خدمات تليفونية Telephony service providers بقابل مادي تدفعه هذه الشركات لديغيام).
- التربح من الإعلانات من الطرق الشهيرة الآن, و قد فصلت الكلام عليها من قبل في مقالتيْ النموذج الاقتصادي للويب 2.0 الجزء الأول و الثاني, فلتراجَع.

8- تخصيص البرامج Custom development:
- في هذه الطريقة تربح الشركات من إجراء تعديلات و إضافات على البرنامج الأصلي حسب رغبات الزبائن.
- و هي مناسبة أيضا للمبرمجين المنفردين freelancers في إجراء مثل تلك التعديلات, فبعض المواقع تجمع تبرعات من مستخدمي البرامج مفتوحة المصدر الذين يريدون وظائف معينة غير موجودة في البرنامج, و يهبونها لمن يطور هذه الوظائف, مثال على هذه المواقع: http://www.opensourcexperts.com/bountylist.html
- ميزة هذه الطريقة أنها تبني علاقة بين الشركات و المستخدمين مما يزيد فرص إجراء صفقات مستقلبية مع هؤلاء الزبائن.
- و لكن يعيب هذه الطريقة نفس عيب الخدمات الارتجالية: حجم الصفقات التي تتم بهذه الطريقة لا يمكن التنبوء به, و لذلك فهي لا تصلح أن تعتمد عليها الشركات
كمصدر أساسي للربح.

9- التبرعات Donations:
- و هذه طريقة شائعة أيضا, و هي تصلح للمبرمجين المنفردين أكثر منها للشركات, و فيها يقوم المبرمج بتطوير برنامج و يتيحه للجميع و لكن يطلب منهم أن يتبرعوا له - إن شاءوا-
- مثال على ذلك: موقع سورس فورج SourceForge.net يتيح للمبرمجين أن يستقبلوا تبرعات على برامجهم مفتوحة المصدر - إن أرادوا-
- هذه الطريقة - مثل سابقتها - لا تصلح أن تعتمد عليها الشركات كمصدر أساسي للربح.

10-منتجات و خدمات أخرى Other products and services:
- فالبرمجيات مفتوحة المصدر لا تدر أرباحا للشركة بصورة مباشرة, بل المنتجات و الخدمات الأخرى التي
قد تكون مكملة لها (و قد لا تكون) هي التي تدر الأرباح.
- يمكن أن نسمي هذه الطريقة "
الطريقة الارتيادية أو الاستراتيجية" و هي عادة ما تستخدم من قبل الشركات الكبيرة لكسب الأرض ( أعني السوق) عن طريق تطوير و دعم و مناصرة البرمجيات مفتوحة المصدر مما يتيح لها أن تنافس في مجال تسود فيه الاحتكارات (مثل ما تفعله أوراكل Oracle من مناصرة اللينكس Linux للتقليل من منافسة الويندوز Windows) ثم بناء القيمة المضافة على هذه البرمجيات مفتوحة المصدر (تكملة مثال أوراكل السابق: تمكنت أوراكل من دعمها للينكس أن توفر نسخة من برنامج قواعد البيانات Databases الذي تنتجه تعمل على معالجات microprocessors إنتل Intel الرخيصة بدلا من استخدام عتاد آخر باهظ التكاليف كالذي تنتجه آي بي إم IBM و صن Sun - قبل أن تشتريها أوراكل. و مثال شبيه بذلك: بناء غوغل Google لنظام تشغيل Operating System يعمل على الهواتف الجوالة mobile phones مفتوح المصدر أندرويد Android (هو في الحقيقة لينكس!) لتكسب أرضا في سوق الهواتف الجوالة, ثم تربح بعد ذلك من الخدمات و الإضافات التي تقدمها حوله). كذلك بعض الشركات تطور و تدعم العديد من البرمجيات مفتوحة المصدر لتجذب أكبر عدد من الزوار لموقعها, فتبني سمعة طيبة بينهم, مما يشجعهم على شراء منتجاتها و برامجها الأخرى(هل تعتمد غوغل Google على هذه الطريقة؟).
- العيب الوحيد لهذه الطريقة أن الزبائن قد تراودهم مخاوف من عدم اهتمام الشركات بهذه البرمجيات مفتوحة المصدر, خاصة إذا كانت لا تمثل لتلك الشركات مصدرا للربح, و قد تزيد هذه المخاوف إذا كانت الشركة ناشئة.

تلك عشرة كاملة!
فهل ثمت طرق أخرى لجني الأرباح من البرمجيات مفتوحة المصدر؟ و ما تأثير تراخيص البرمجيات مفتوحة المصدر على طرق الربح المذكورة؟
هذا و غيره ما سنجيب عنه لاحقا إن شاء الله و قدر... فتابعونا.

الأربعاء، فبراير 03، 2010

اقتصاديات البرمجيات مفتوحة المصدر: كيف تربح الشركات من البرمجيات مفتوحة المصدر؟--1 Open source economics

بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و بعد...
* مقدمة
- في دراسة أجرتها آي دي سي IDC عام 2009 توقعت فيها أن تزيد عائدات البرمجيات مفتوحة المصدر Open source software بنسبة 22.4% لتبلغ 8.1 مليار دولار عام 2013.
- فهل فعلا يمكن للشركات أن تجني أرباحا من البرمجيات مفتوحة المصدر؟ و إن كان هذا ممكنا, فهل هذا يتفق مع مباديء البرمجيات الحرة و مفتوحة المصدر؟
- لنجب عن السؤال الثاني أولا, فالبرمجيات الحرة و مفتوحة المصدر لا تمانع في أن تكون مصدرا للربح على الإطلاق, فالحرية فيها تعني حرية التشغيل و الدراسة و الاقتباس و التحسين و المشاركة, و لا علاقة بين ذلك و بين الكسب من البرمجيات مفتوحة المصدر.
- أما السؤال الأول - و هو سؤال قديم كقدم البرمجيات مفتوحة المصدر نفسها - فقد تحول مع الزمن من سؤال نظري عن إمكانية الحدوث إلى سؤال عملي عن طرق الحدوث (يعني: ما هي البرمجيات و الخدمات التي تقدمها شركات المصادر المفتوحة لتدر أرباحا من الزبائن؟)
- و الإجابة على هذا السؤال ليست يسيرة, فالشركات الكبرى تدعم البرمجيات مفتوحة المصدر -غالبا - ليس للتربح منها و بس, و لكن لأهداف ارتيادية (استراتيجية) مثل فك احتكار الأسواق مثلا. أما الشركات الصغرى و الناشئة, فهي تهدف للتربح بالفعل من المصادر المفتوحة و لكن أهم من ذلك تحقيق الانتشار و بناء قاعدة عريضة من العملاء. و لذلك فالمصادر المفتوحة تربح منها صناعة تكنولوجيا المعلومات ككل و ليس شركات صناعة البرمجيات فحسب و لا حتى الشركات المتخصصة في إنتاج البرمجيات مفتوحة المصدر فقط. و في هذا الإطار الواسع سيكون حديثنا إن شاء الله تعالى.

* النموذج التقليدي للربح من البرمجيات:
- يعتمد نموذج عمل Business Model شركات صناعة البرمجيات التقليدي على امتلاك النص البرمجي للبرنامج، ومنح المستخدم حق الانتفاع بنسخة من البرنامج وفق شروط تحددها اتفاقية الترخيص. أدى نموذج العمل هذا لنمو اقتصادي هائل في صناعة البرمجيات، فقد أصبحت من أكثر قطاعات الدخل إدرارا للربح، وتوجهت إليها كمية كبيرة من الاستثمارات في كل أنحاء العالم، وترافق هذا في العقد الأخير مع انخفاض كبير في سعر التجهيزات اللازمة لتشغيل البرمجيات، مما وسع السوق بشكل هائل، وسبب ازدياد الطلب على كل أنواع البرمجيات، فأدى إلى ضخ كميات هائلة من المال في يد صناع البرمجيات.
- في الصناعات التقليدية تعتبر كلفة إنتاج النسخة الواحدة من المنتج كلفة مهمة تضاف إلى بقية الكلف مثل التطوير والتسويق وغيرها، ولكن في صناعة البرمجيات فإن كلفة إنتاج نسخة إضافية لا تكاد تذكر، فبمجرد وجود المنتج يمكن نسخه بتكلفة شبه معدومة، مما دعى المستثمرين لتشبيه صناعة البرمجيات التقليدية بـ "مطبعة نقود"، فبمجرد امتلاك الشركة لبرنامج جيد، يمكنها أن تنتج نسخا منه وتبيعها نقدا.
- الكسب بهذه الطريقة بالطبع ليس سهلا كما يبدو للوهلة الأولى, لكن ما أريد أن أذكره هنا هو أهم السلبيات الناتجة عن هذا النموذج الاقتصادي و هي السياسات الاحتكارية التي مارستها بعض الشركات الكبرى (أشهر مثال على ذلك شركة مايكروسوفت Microsoft), و قد تولد عن هذه السياسات الاحتكارية طريقة جديدة في إنتاج البرمجيات, ألا و هي البرمجيات الحرة و مفتوحة المصدر Free and Open Source Software.
* البرمجيات مفتوحة المصدر:
- كما في الويكيبيديا, فمن الممكن اختصار تعريف البرمجيات المفتوحة المصدر، بأنها البرمجيات التي تحقق الشروط التالية:
  • حرية إعادة توزيع البرنامج.
  • توفر النص المصدري للبرنامج، وحرية توزيع النص المصدري.
  • حرية إنتاج برمجيات مشتقة أو معدلة من البرنامج الأصلي، وحرية توزيعها تحت نفس الترخيص للبرمجيات الأصلي.
  • من الممكن أن يمنع الترخيص توزيع النص المصدري للنسخ المعدلة على شرط السماح بتوزيع ملفات التي تحتوي على التعديلات بجانب النص الأصلي.
  • عدم وجود أي تمييز في الترخيص لأي مجموعة أو أشخاص.
  • عدم وجود أي تحديد لمجالات استخدام البرنامج.
  • الحقوق الموجودة في الترخيص يجب أن تعطى لكل من يتم توزيع البرنامج إليه.

فكيف يمكن جني الأرباح من برمجيات هذه صفتها؟! هذا ما سنتناوله في مقالات لاحقة إن شاء الله تعالى, فتابعونا...

ملحوظة: قد استعنت في ذلك بمصادر كثيرة, سأذكرها في آخر مقالة إن شاء الله تعالى, و السلام.

الاثنين، فبراير 01، 2010

قول أصحاب البرامج: إذا أعجبك البرنامج فيمكنك التبرع لصاحبه

قول أصحاب البرامج: إذا أعجبك البرنامج فيمكنك التبرع لصاحبه

بالنسبة لمن يصنع برامج الكومبيوتر هناك أنظمة لبيع هذه البرامج ومنها أن تجعل البرنامج مجانا لأي شخص كي يستخدمه وتضع عبارة مثلا مع البرنامج أنه إذا أعجبك البرنامج يمكنك التبرع لصاحب البرنامج على حساب... وأيضا إذا كان موقعاً فيكتب من أراد التبرع للموقع ..فهل هذا يعتبر بيعاً فاسداً أم تعتبر هبة أم يعتبر مما أخذ بسيف الحياء ؟

الحمد لله
هذه الصورة هبة مقيدة بقيد ، وهذا القيد هو قوله : " إن أعجبك هذا البرنامج فبإمكانك أن تتبرع لمالكه " وهذا القيد صريح في أن هذا ليس بيعاً ، لأن تسميته تبرعا يعني أن المالك لا يُلزم مستخدم البرنامج أن يدفع عوضا في مقابل الاستخدام .
وعليه ؛ فإن هذا القيد جعل هذه المعاملة هبةً وقد تتحول الهبة إلى بيع ، إذا اشترط المُهْدِي على المُهْدَى له أن يدفع له مالاً معيناً – مثلاً- مقابل هذه الهدية .
قال ابن قدامة في "المغني" (5/398) : " فإن شرط في الهبة ثوابا معلوما , صح . نص عليه أحمد ; وحكمها حكم البيع " انتهى .
وبهذا يتضح أنه لا حرج من استخدام هذا البرنامج بغير مقابل ، وليس بيعا فاسدا ، ولا هو من قبيل أخذ أموال الناس بسيف الحياء ، إذ ليس هذا من مواطن الحياء ، فمالك البرنامج لا يرى المستخدم ولا يعرفه ، فلا يتصور أن يستحي منه .
والله أعلم .





حكم عقود الصيانة التي تجريها شركات البرمجة على برامجها

التفصيل في حكم " عقود الصيانة " ومتى يكون لها حكم " التأمين التجاري "

السؤال : بعدما سمعت أن بعض المشايخ أجازوا " التأمين التجاري " بحكم أنه يشبه حماية القوافل في الماضي : خطر في بالي هذا التساؤل : ما الفرق بين التأمين التجاري ، وعقود الصيانة العامة ؟ وأعني بعقود الصيانة : هي أنني صاحب منشأة حكومية - كوزارة التجارة مثلاً - أكتب عقداً مع شركةٍ ما للصيانة ، أدفع لها سنويّاً مبلغاً وقدره مليون ريال – مثلاً - ، ومقابل هذا المبلغ : أتكفل بصيانة الكهرباء ، والسباكة ، من ناحية أجور اليد فقط - وقد يكون حساب القطع عليهم ، أو على شركة الصيانة - ، طبعاً وقلْ مثل ذلك في صيانة أجهزة الحاسب الآلي للشركات الكبرى ، أو البنوك ، وقل مثله في عقود صيانة البرامج المحاسبية – مثلاً - ... إلخ . أرجو أن تكون الصورة وضحت . إذا كان هذا العقد جائزاً : فما الفرق بينه وبين عقد التأمين التجاري ؟ شركة التأمين تأخذ مني مبلغًا مقابل أن تصلح لي سيارتي ، وشركة الصيانة تأخذ من الوزارة مبلغًا مقابل إصلاح ما فسد في السباكة ، والكهرباء . شركة التأمين لديها التزامات مالية - تكاليف قانونية ، استئجار معارض ، موظفون ، معدات ، وأجهزة ... إلخ - ، وشركة الصيانة لديها التزامات مالية - تكاليف قانونية ، موظفون ، معدات ، وأجهزة ... إلخ - . فما الفرق بينهما ؟ هذا ما دار في نفسي من تساؤل . 1. هل هناك فرق دقيق بينهما لم أنتبه إليه يجيز عمل شركة الصيانة ، ويحرم عمل شركة التأمين ؟ . 2. إذا كان عمل شركة الصيانة حراماً : فمعناه أن كل مال تساهم به في هذه الشركة هو مال حرام ، هل هذا صحيح ؟ .

الجواب :

الحمد لله

"عقود الصيانة" من العقود المستحدثة ، ولها عدة صور ، ولهذا لا يصح أن تعطى حكماً واحداً ، بل منها ما هو جائز ، ومنها ما هو محرم .

ويمكننا جمع أشهر صور تلك العقود مع بيان أحكامها فيما يلي :

1. أن تتكفل الشركة البائعة للجهاز بالصيانة الدورية ، أو بالصيانة في حال حدوث خلل فيه ، وقد تكون الصيانة مجرد إصلاح ، وقد تكون مع وضع قطع بديلة لما يتلف منها .

وحكم هذه الصور : الجواز ، ويجوز للشركة البائعة أن ترفع سعر بيع الجهاز مقابل تلك الخدمة .

2. أن تتكفل "شركة صيانة" – وليست الشركة البائعة - بالفحص الدوري على الجهاز – أسبوعيّاً ، أو شهريّاً – مقابل مبلغ معيَّن ، ويُعرف في العقد عدد الأجهزة المراد فحصها وصيانتها ، وتعرف نوعية الصيانة ، ويكون العقد لمدة محدودة .

وحكم هذا العقد : الجواز ، وهو في حقيقته عقد إجارة ، ويشترط لجوازه – بالإضافة لما سبق – أن لا يشتمل عقد الفحص والصيانة على توفير قطع غيار لما يتلف من قطع الجهاز ، بل تكون هذه القطع على صاحب الجهاز .

إلا إذا كانت المواد المستعملة في الصيانة يسيرة لا يُحسب لها حساب في العادة ، أو كانت معروفة أنها من لوازم الصيانة : لم يكن ذلك بمانع من القول بجواز هذا العقد .

3. أن يشتمل عقد الصيانة مع الفحص الدوري على استبدال القطع التالفة بأخرى جديدة .

وحكم هذا العقد : التحريم ؛ لأنه يشتمل على الغرر الفاحش ، وهو عقد مقامرة ، فقد يكون ثمن القطع الجديدة أضعاف قيمة عقد الصيانة ، وقد لا تحتاج الأجهزة لتبديل قطع شيء منها ، وصاحب الجهاز في هذه الحال إما أن يكون " غانماً " ، أو " غارماً " ، وهذا هو ضابط عقود المقامرة ، فيغنم صاحب الجهاز في حال حصوله على قطع غيار بأكثر مما دفعه لشركة الصيانة ، وقد يغرم بأن لا تحتاج أجهزته لقطع غيار ، فيضيع عليه ما دفعه لهم .

وهذه الصورة من عقود الصيانة تشبه عقود التأمين التجاري المحرَّم .

4. أن يكون عقد الصيانة ليس دوريّاً ، ولكن على حسب حصول الخلل في الأجهزة المعقود عليها ، فإذا حصل خلل فيها : تمَّ استدعاء شركة الصيانة ، وإن لم يحصل خلل : لا يأتي أحد لرؤيتها .

وحكم هذا العقد : التحريم ، وهو عقد مقامرة ، لأن صاحب الجهاز يكون غانماً إذا كثر تعطل الجهاز ، ويكون غارماً إذا قل تعطله .

وهذه الصورة – أيضاً - من عقود الصيانة تشبه عقود التأمين التجاري المحرَّم .

وهذه بعض الفتاوى المتعلقة بعقود الصيانة :

1. قرار " مجلس مجمع الفقه الإسلامي " :

ففي قرار رقم : 103 (6/11) بشأن "عقد الصيانة" قال "المجمع" :

الحمد لله رب العالمين ، والسلام على سيدنا محمد ، خاتم النبيين ، وعلى آله ، وصحبه ، وسلم .

أما بعد :

فإن "مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي "المنبثق عن "منظمة المؤتمر الإسلامي" في دورة انعقاد مؤتمره الحادي عشر بالمنامة في دولة البحرين ، من 25 - 30 رجب 1419 هـ (14 - 19 نوفمبر 1998) : بعد اطِّلاعه على الأبحاث المقدمة إلى "المجمع" بخصوص موضوع "عقد الصيانة" ، واستماعه إلى المناقشات التي دارت حوله :

قرر ما يلي :

أولاً : عقد الصيانة هو عقد مستحدث مستقل تنطبق عليه الأحكام العامة للعقود ، ويختلف تكييفه ، وحكمه ، باختلاف صوره ، وهو في حقيقته عقد معاوضة ، يترتب عليه التزام طرف بفحص وإصلاح ما تحتاجه آلة ، أو أي شيء آخر ، من إصلاحات دورية ، أو طارئة ، لمدة معلومة ، في مقابل عِوض معلوم ، وقد يلتزم فيه الصائن بالعمل وحده ، أو بالعمل والمواد .

ثانياً : عقد الصيانة له صور كثيرة ، منها ما تبين حكمه ، وهي :

1. عقد صيانة غير مقترن بعقد آخر ، يلتزم فيه الصائن بتقديم العمل فقط ، أو مع تقديم مواد يسيرة لا يعتبر العاقدان لها حساباً في العادة .

هذا العقد يكيَّف على أنه عقد إجارة على عمل ، وهو عقد جائز شرعاً ، بشرط أن يكون العمل معلوماً ، والأجر معلوماً .

2. عقد صيانة غير مقترن بعقد آخر ، يلتزم فيه الصائن تقديم العمل ، ويلتزم المالك بتقديم المواد .

تكييف هذه الصورة ، وحكمها : كالصورة الأولى .

3. الصيانة المشروطة في عقد البيع على البائع لمدة معلومة .

هذا عقد اجتمع فيه بيع وشرط ، وهو جائز ، سواء أكانت الصيانة من غير تقديم المواد ، أم مع تقديمها .

4. الصيانة المشروطة في عقد الإجارة على المؤجر ، أو المستأجر .

هذا عقد اجتمع فيه إجارة وشرط ، وحكم هذه الصورة : أن الصيانة إذا كانت من النوع الذي يتوقف عليه استيفاء المنفعة : فإنها تلزم مالك العين المؤجرة من غير شرط ، ولا يجوز اشتراطها على المستأجر ، أما الصيانة التي لا يتوقف عليها استيفاء المنفعة : فيجوز اشتراطها على أيٍّ من المؤجر ، أو المستأجر ، إذا عُيِّنت تعيُّناً نافياً للجهالة .

وهناك صور أخرى يرى " المجمع " إرجاءها لمزيد من البحث ، والدراسة .

ثالثاً : يشترط في جميع الصور : أن تعيَّن الصيانة تعييناً نافياً للجهالة المؤدية إلى النزاع ، وكذلك تبيين المواد إذا كانت على الصائن ، كما يشترط تحديد الأجرة في جميع الحالات .

وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وعلى آله ، وصحبه ، وسلم .

"مجلة المجمع" ( العدد الحادي عشر ج 2 ، ص 279) .

2. سئل الشيخ عبد الله بن جبرين رحمه الله :

صاحب شركة صيانة سيارات يسأل عن عقد الضمان وصورته : أن يتعاقد صاحب شركة الصيانة مع صاحب معرض سيارات مستعملة ، أو ما يسمَّى بصالات السيارات المستعملة ، وخاصة المستوردة من الخارج ، فيقوم صاحب الشركة بفحص السيارة ، ويعطي شهادة ضمان على السيارة السليمة مدة محددة على حسب صلاحية السيارة ، على أن يدفع صاحب المعرض - أو الصالة - مبلغاً مقطوعاً مرة واحدة ، ويتكفل صاحب الشركة بضمان السيارة تلك المدة المحددة بحيث لو حصل للسيارة عطل : فإن مشتري السيارة من المعرض يرجع على صاحب الشركة الضامنة ، فتقوم بإصلاح السيارة بدون دفع مال ، بشرط أن لا يقوم المشتري عند حصول عطل بإصلاح السيارة في مكان آخر .

ويستثنى من الأعطال ما هو خارج عن الإرادة مثل حوادث السيارات .

فأجاب :

نرى أن مثل هذا لا يجوز ؛ فإنه داخل في عمل " التأمين " الذي رَجَّح العلماء عدم جوازه ؛ وذلك لأن صاحب المعرض - أو صاحب صالات السيارات - يدفع مبلغاً محدداً لشركة الصيانة ، سواءً حصل أعطال ، أو لم يحصل ، فتارة لا يحصل تعطيل لهذه السيارات : فيأخذ صاحب شركة الصيانة ذلك المال من صاحب المعرض في غير مقابل ، ولا يرد عليه شيئاً ؛ حيث لا يحصل ما يحتاج إلى الإصلاح .

وأحيانًا قد يحصل تعطيل كثير في السيارات ، ينفق عليها صاحب شركة الصيانة أموالًا طائلة أكثر مما دفعه له صاحب صالات السيارات المستعملة ، فيتضرر صاحب الشركة ، ثم إن هذا التعاقد ، وهذا الضمان قد يسبِّب أن أكثر المشترين يتهورون ، ويخاطرون في مسيرهم ، فتكثر الحوادث ، ويحصل أنواع التعطيل ، وإذا نصحوا باستعمال الرفق يحتجون بأن السيارة مضمونة لمدةٍ محددة كسنَة ، أو أكثر .

فعلى هذا نقول : إن على صاحب المعرض - أو ما يسمى بصالات السيارات المستعملة - سواءً مستوردة من الخارج ، أو غير مستوردة : أن يفحص سياراته بنفسه ، أو يستأجر عُمَّالًا يفحصونها ، ويصلحون ما فيها من الأخطاء ، ثم يبيعونها ، ولا بأس أن يضمنوا للمشتري إصلاحها لمدة محددة ، ولأشياء خاصة ، باستثناء الحوادث المرورية ، وما أشبهها .

" الفتوى رقم 816 " من موقع الشيخ رحمه الله .

http://ibn-jebreen.com/ftawa.php?view=vmasal&subid=816&parent=4193

وهذا الجواب ينطبق على الصورة الرابعة من صور عقود الصيانة .

والصورة التي ذكرها الشيخ في آخر جوابه أنها جائزة وهي عقد الصيانة من البائع نفسه ، هي الصورة الأولى التي ذكرنا أنها جائزة .

3. وقال الشيخ سامي السويلم حفظه الله :

إذا كانت الشركة البائعة للأجهزة هي التي تقوم بالصيانة : فلا مانع من ذلك ، ولا مانع من أن يختلف المبلغ المدفوع للصيانة تبعاً لاختلاف الخدمة ذاتها ، أما أن تقوم شركات بالصيانة غير الشركات التي باعت السلعة : فلا يجوز ؛ لأنه يكون صورة من صور التأمين التجاري المحرم ، وبذلك يتبين حكم عقد الصيانة ، فالضمان الذي تقدمه شركة الصيانة تابع للعمل الذي تقوم به ، وهو عمل الصيانة الدورية ، وهذه الصيانة الدورية من شأنها أن تقلل من احتمالات وقوع الخلل ، ومن ثم تقلل من الحاجة للضمان ابتداء ، أما إذا كان عقد الصيانة مجرد ضمان بلا عمل يدرأ الخطر : فهو تأمين تجاري بحت .

http://almoslim.net/node/54932

وبهذا يتبين أن من عقود الصيانة ما هو مباح جائز ، ومنها ما يكون صورة من صور التأمين التجاري فيكون محرماً .

والله أعلم