نهــــ ض ـــــة
أجدر بدعاتنا بل بكل شبابنا الغيور ممن أوتي بسطة في العلم و الاطلاع على تقنيات العصر أن يستنفرهم حب البذل للدين, و ليقدموا لأمتهم ما يقض مضاجع الكافرين و يشفي الله به صدور قوم مؤمنين
السبت، يناير 14، 2012
فَلَنا وربِّك للحُروفِ قَدَاسةٌ -- نوري الوائلي
هل أشبع القلب الأنين مواجعا *** واستل من عزم الكرام زماما
وأحال رفض الطامحين تخاذلا *** وأغتال في صدر الغزاة هماما
هل بات يفرع في الصخور وجدوها *** شوك يؤل في الصدى أنغاما
كلا فعزم الشامخين إلى العلا *** يبقى لدرب لصابرين إماما
لن تستكين إلى المواجع أنفس *** عزمت بأن تعلو القفار غماما
عزمت بأن تهب الحياة شواهدا *** وتظل في أرض الوغي أعلاما
هذه المحابر قد أجاد نباحها *** لغوا يجاهر في العقول فصاما
ملأت فضاءات التواصل ألسن *** صبغت معايبها الحياة ظلاما
قد زاغت الأقلام حين نباتها *** يمتص من بحر الذري أوهاما
قد خاب من باع الحروف لعالم *** يضني التقاة ويرفع الأبراما
لا تتركن محابرآ قد ألهبت *** نهج الكرام حماسة و هياما
لا تجعلوا لليأس من فرط الأذى *** سوطا يقصر للردى الأعواما
الصابرون على المصائب إنما *** من صبرهم يأتي الرجا إكراما
عجبا لآهات الزمان فمالها *** غير التقاة صحابة وخصاما
لا تغرق السفن الرياح إذا غدت *** فيها الصوارم للتقاة مقاما
سيظل صوت الصادقين مدويا *** ويزيح عن وجه النفاق لثاما
فلن تجف عن العطاء نحورنا *** أو أن تعيب عقولنا لأقلاما
مند الطفولة نستقي فإذا بنا *** نستدرك الأفعال والأحكاما
إن قال ناقص ما يشتهي *** فكلامه يعلوبنا الأجراما
فلنا وربك للحروف قداسة *** لا نبتغي من نظمها الأهراما
بل نبتغي لطف الجليل بحرفنا *** فرضاؤه عنا هدى وسلاما
ما أقصر الدنيا وفي أعناقنا *** همم يطارحها الفلاح غراما
ما مات حرف للسماء معنون *** بل مات سفر ينشد الآثاما
سيطل في كون الخلود لساننا *** رطبا نديا يختم الأختاما
سنظل فرسانا لكل ملمة *** كونا نفيض مودة و وئاما
فلنا الكلام وإن تسد شفاهنا *** ولا سمنا يغدو الأثير كلاما
لا تحتوينا في المصائب جفلة *** فيقيننا قد صاغها أحلاما
لم تبخل الدنيا علينا كربها *** فسقتنا في حلو الشراب سماما
القلب يصمت والأنامل نبضها *** يبقى صريرآ يوقط النياما
فرض على أهل الهدى أن يكتبوا *** للحق فأسآ تكسر الأصناما
لا توقف الحبر المواجع إنما *** من عسرها صاغ الفؤاد سهاما
لا يسبق الصبر البلاء وإنما *** الصبر يسبق في الردى الإقداما
الجمعة، أكتوبر 21، 2011
لمحات من مسيرة حزب العدالة و التنمية التركي
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله, و بعد...
فهذه لمحات من مسيرة حزب العدالة و التنمية التركي, اقتبستها بتصرف من كتاب قصة أردوجان للدكتور راغب السرجاني, فيها عبر تنفع أحزابنا الناشئة - بعون الله -
* انتخابات 2002 و ما بعدها...
1- كان لأعضاء حزب العادلة و التنمية تاريخ مشرف في خدمة البلد, و لم تتلطخ سمعتهم بأي شبهة فساد, و كان وصف حزب العدالة و التنمية في الأوساط الإعلامية المحلية بأنه *الحزب الأبيض* نسبة إلى مصداقيته و نزاهة قيادته. و في هذا التوقيت كانت هناك دعاوى فساد عديدة رُفعت ضد زعماء أحزاب آخرين.
2- راهن الحزب على سياسة النفس الطويل في التطوير, و تأجيل طرح المحاور المثيرة, و إعداة ترتيب الأولويات, و البدء بقضايا المعاش, و حقوق الإنسان, و احترام القانون, و مقاومة الفساد في نخبة الحكم.
3- الفريق الاقتصادي في الحزب كان لديه 300 مشروع اقتصادي جاهز للتنفيذ قبل وصول الحزب إلى السلطة
4- الانحياز للفقراء و همومهم!
5- الاهتمام بالصناعة المحلية و تشجيع أصحاب رؤوس الأموال الأتراك
6- الانفتاح الاقتصادي مع الدول الإسلامية
7- الاهتمام بالجانب الإعلامي (العامل الذي أهملته تجربة أربكان السابقة)
8- إطلاق قوى المجتمع المدني/القطاع الخير و رفع وصاية الدولة عليها
9- الإنجاز المستمر
* انتخابات 2007 و ما بعدها...
10- تشجيع الأتراك على التناسل و التكاثر
11- المزيد من التقويض للعلمانية *بالقانون* :)
12- تصفير المشكلات الداخلية و الخارجية و إقامة علاقات متوازنة مع دول الجوار
* انتخابات 2011 و ما بعدها...
13- تعلمت الأحزاب الأخرى بعض الدروس من حزب العدالة و التنمية, و بدأت تعرض مشروعات سياسية و تنموية :)
14- كالعادة, سبقهم حزب العدالة و أعلن أنه يعتزم تعديل الدستور!
15- تعهد الحزب بجعل تركيا واحدة من أكبر 10 اقتصاديات في العالم بحلول عام 2023, و جعل هذا الأمل هو شعار حملته الانتخابية
16- أغلب الصحف و الفضائيات كانت تدعم الأحزاب الأخرى - لا سيما حزب الشعب الجمهوري الذي أسسه أتاتورك - و بدا واضحا أن هناك رسائل موجهة تبثها وسائل الإعلام للتقليل من إنجازات حزب العدالة و التنمية, و التركيز على السلبيات, و لكن المؤكد أن الإعلام كان في واد, و الشارع كان في واد آخر!
17- حملة طرق الأبواب! عدد من المتطوعين في الحزب (بلغوا في إسطنبول وحدها 300 ألف شاب) طرقوا كل شقة في تركيا للنقاش مع المواطنين و التعريف بإنجازات الحزب و خططه للمستقبل!
أهم لمحة, و تركتها للنهاية لأهميتها...
18- الشخصية الكاريزمية لزعيم الحزب رجب طيب أردوجان, و كنت في الفترة السابقة قد لُبس عليّ في أمر *القيادة* بسبب ما قرأت في موضوع العمل الجماعي, إلى أن قرأت هذا الكلام..."خلق الله بعض البشر القليلين الذين لهم قدرة باهرة على قيادة الجموع, و الذين يستطيعون تحريك الطاقات الكامنة في داخل كل إنسان فيحدث التغيير...نعم يُشارك الكثيرون في التغيير, لكن من الذي دفعهم إلى المشاركة, و من الذي حول سلبيتهم المقيتة إلى إيجابية منتجة؟ و من الذي دفعهم إلى التضحية و البذل, بل و من الذي رسم لهم الطريق الذي يسيرون فيه, و وضع لهم الأهداف التي يسعوا إلى تحقيقها؟"
بالتأكيد لم أقصد نقل التجربة كأنها نسخ ضوئية, و لكن فيها من العبر ما حسبت أنه قد ينفعنا...و الله الموفق.
الخميس، مارس 24، 2011
الإرجاء الفكري - بدر بن سعيد الغامدي
الثلاثاء، يناير 18، 2011
الجيل المتطرف -- عبد الرحمن العشماوي
صبح تنفس بالضياء وأشرقا | الصحوة الكبرى تهز البيرقا |
وشبيبة الإسلام هذا فيلق | في ساحة الأمجاد يتبع فيلقا |
وقوافل الإيمان تتخذ المدى | دربا وتصنع للمحيط الزورقا |
وحروف شعري لا تمل توثبا | فوق الشفاه وغيب شعري أبرقا |
وأنا أقول وقد شرقت بأدمعي | فرحا وحق لمن بكى أن يشرقا |
ما أمر هذه الصحوة الكبرى | سوى وعد من الله الجليل تحققا |
هي نخلة طاب الثرى فنما | لها جذع قوي في التراب وأعذقا |
هي في رياض قلوبنا زيتونة | في جذعها غصن الكرامة أورقا |
فجر تدفق من سيحبس نوره | أرني يدا سدت علينا المشرقا |
يا نهر صحوتنا رأيتك صافـيا | وعلى الضفاف رأيت أزهار التقى |
ورأيت حولك جيلنا الحر الذي | فتح المدى بوابة وتألقا |
قالوا تطرف جيلنا لما سما | قدرا وأعطى للبطولة موثقا |
ورموه بالإرهاب حين أبى الخنى | ومضى على درب الكرامة وارتقا |
أو كان إرهابا جهاد نبينا | أم كان حقا بالكتاب مصدقا |
أتطرف إيماننا بالله في عصر | تطرف في الهوى وتزندقا |
إن التطرف ما نرى من غفلة | ملك العدو بها الزمام وأطبقا |
إن التطرف ما نرى من ظالم | أودى بأحلام الشعوب وأرهقا |
لما رأى جريان صحوتنا طغى | وأباح أرواح الشباب وأزهقا |
ما زال ينسج كل يوم قصة | تروى وقولا في الدعاة ملفقا |
إن التطرف أن يسافر مسلم | في لهوه سفرا طويلا مرهقا |
إن التطرف أن نرى من قومنا | من صانع الكفر اللئيم وأبرقا |
إن التطرف أن نبادل كافرا | حبا ونمنحه الولاء محققا |
إن التطرف أن نذم محمدا | والمقتدين به ونمدح عفلقا |
إن التطرف أن نؤمن بطرسا | وهو الذي من كأس والده استقى |
إن التطرف وصمة في وجه من | جعلوا صليبهم الرصاص المحرقا |
إن التطرف في اليهود سجية | شربوا به كأس العداء معتقا |
إن التطرف أن يظل رصاصنا | متلعثما ورصاصهم متفيهقا |
يا من تسائلني وفي أجفانها | فيض من الدمع الغزير ترقرقا |
وتقول لي رفـقا بنفسك إننا | نحتاج منك الآن أن تترفقا |
أو ما ترى أهل الضلالة أصبحوا؟ | يتعقبون شبابنا المتألقا |
لا تجزعي إن الفؤاد قد امتطى | ظهر اليقين وفي معارجه ارتقى |
غذيت قلبي بالكتاب وآيه | وجعلت لي في كل حق منطقا |
ووطئت أوهامي فما أسكنتها | عقلي وجاوزت الفضاء محلقا |
أنا لا أخدر أمتي بقصائد تبني | على هام الرياح خورنقا |
يسمو بشعري حين أنشد صدقه | أخلق بمن عشق الهدى أن يصدقا |
أوغلت في حزني وأوغل في دمي | حزني وعصفور القصيدة زقزقا |
أنا يا قصيدة ما كتبتك عابثا | كلا ولا سطرت فيك تملقا |
عيني وعينك يا قصيدة أنورا | دمعا وشعرا والفؤاد تحرقا |
قالوا قسوت ورب قسوة عاشق | حفظت لمن يهوى المكان الأعمقا |
بعض الرؤوس تظل خاضعة فما؟ | تصحو وما تهتز حتى تطرقا |
خوان أمته الذي يشدو لها | بالزيف والتضليل حتى تغرقا |
خوان أمته الذي يرمي لها | حبلا من الأوهام حتى تشنقا |
كالذئب من يرمي إليك بنظرة | مسمومة مهما بدا متأنقا |
شتان بين فتى تشرب قلبه | بيقينه ومن ادعى وتشدقا |
شتان بين النهر يعذب ماؤه | والبحر بالملح الأجاج تمذقا |
إني لأعجب للفتي متطاولا | متباهيا بضلاله متحذلقا |
سلك العباد دروبهم وهو الذي | ما زال حيران الفؤاد معلقا |
الشمس في كبد السماء ولم يزل | في الشك في وضح النهار مطوقا |
النهر يجري في القلوب وماؤه | يزداد في حبل الوريد تدفقا |
وأخو الضلالة ما يزال مكابرا | يطوي على الأحقاد صدرا ضيقا |
يا جيل صحوتنا أعيذك أن أرى | في الصف من بعد الإخاء تمزقا |
لك من كتاب الله فجر صادق | فاتبع هداه ودعك ممن فرقا |
لك في رسولك قدوة فهو الذي | بالصدق والخلق الرفيع تخلقا |
يا جيل صحوتنا ستبقى شامخا | ولسوف تبقى بالتزامك أسمقا |
سترى رؤى بدر تلوح فرحة | بيمينها ولسوف تبصر خندقا |
سترى طريقك مستقيما واضحا | وترى سواك مغربا ومشرقا |
فتحت لك البوابة الكبرى فما | نخشى وإن طال المدى أن تغلقا |
إن طال درب السالكين إلى العلا | فعلى ضفاف المكرمات الملتقى |
وهناك يظهر حين ينقشع الدجا | من كان خوانا وكان المشفقا |
المصدر: الموسوعة العالمية للشعر العربي
الجمعة، ديسمبر 10، 2010
راجع ما كتبته في البرنامج قبل لوم الآخرين
لازلنا مع كتاب "97 مسألة ينبغي على كل مبرمج أن يعلمها"....
9- راجع ما كتبته في البرنامج قبل لوم الآخرين
- يعتقد الكثير من المبرمجين أن برامجهم لا يمكن أن يكون بها أخطاء! بل يسيئون الظن بالمترجمات compilers و أنظمة التشغيل operating systems ... إلخ و يحسبون - في كثير من الأحيان - أنها سبب المشاكل في برامجهم!
- و الحق أن المترجمات compilers و أنظمة التشغيل operating systems و مكتبات البرمجة الجاهزة software libraries ... إلخ هي برمجيات في النهاية, و لذلك من الوارد أن يكون فيها أخطاء, خاصة إذا كانت في مراحل تطويرها الأولية alpha or beta releases. أما إذا كانت هذه البرمجيات ناضجة mature, و مستخدمة بكثرة, و هناك الكثير من البرمجيات التي تعتمد عليها, فالأخطاء في مثل هذه البرمجيات تكون نادرة جدا, و من الأجدى - في مثل هذه الحالة - أن تبحث عن المشكلة في برنامجك أنت.
- فمثلا إذا علمت بوجود مشكلة في برنامجك, اعرف خطوات الاستخدام التي أدت إلى حدوث هذه المشكلة, قد يكون برنامجك استُخدم بطريقة لم تحسب لها حسابا, أو بخطوات غير التي توقعتها!
- و من أكثر مصادر المشاكل في البرامج: تعدد المسارات multi-threading, و طرق اكتشاف المشاكل debugging و اختبارات فحص الوحدات unit test وحدها لا تكفي لاكتشاف مصادر المشاكل في مثل هذه الحالة؛ و لذلك فالحاجة هنا إلى تبسيط تصميم البرنامج و برمجته تكون أكثر إلحاحا.
الجمال في البساطة
لازلنا مع كتاب "97 مسألة ينبغي على كل مبرمج أن يعلمها" ...
5- الجمال في البساطة
- البرمجة الجميلة لها مظاهر عدة, أهمها "البساطة", فبغض النظر عن كبر البرنامج أو تعقيده, إذا كانت أجزاء البرنامج "بسيطة": صغيرة, و لها مسئوليات محدودة, و أسماء معبرة, و ترتبط ببعضها بروابط بسيطة أيضا, فالبرنامج جميل!
- و البساطة في البرمجة لها مميزات أخرى, منها أن البرنامج البسيط يكون سهل الفهم, سهل الاختبار testable, و سهل الصيانة maintainable كذلك.
السبت، نوفمبر 27، 2010
عرض كتاب نقد الجذور الفكرية للديمقراطية الغربية
كتاب "نقد الجذور الفكرية للديمقراطية الغربية", ألفه الأستاذ الدكتور محمد علي مفتي, و طبعته مجلة البيان سنة 1423 هـ / 2002م.
و قد استهل المؤلف بحثه بقول الله عز و جل "أفحكم الجاهلية يبغون و من أحسن من الله حكما لقوم يوقنون" [المائدة: 50] و ختمه بقوله "فلا ديمقراطية في الإسلام, و لا إسلام في الديمقراطية" و بين الاستهلال و الخاتمة كتب بحثا ماتعا في 118 صفحة, لخصه في خاتمة الكتاب, في آخر ثلاث صفحات, فقال (بتصرف يسير جدا):
قدمت الدراسة تحليلا نقديا للجذور الفكرية للديمقراطية الغربية؛ بهدف بيان أن الديمقراطية نظام سياسي قائم على مرتكزات, و مرتبط بشروط محددة لا بد من وجودها لتتحقق الديمقراطية. و قد ناقشت الدراسة أهم تلك القواعد أو المرتكزات و التي منها:
- "سيادة الأمة"؛ أي حق الأمة المطلق في تبني نظام الحياة الذي تراه مناسبا من منطلق كونها تمثل المرجعية العليا في الدولة,
- و "الحل الوسط" الذي يعد أسلوبا دائما لحل جميع المشكلات في الدولة. و يرتبط "الحل الوسط" بالعلمانية التي يقوم عليها النظام الديمقراطي. و ينطلق من افتراض أن مصالح المرء المتعلقة بالمباديء و القيم و المصالح المادية لا بد أن تسوى بـ "الحل الوسط" عند نشوء نزاع في الدولة بين الأفراد. و هذا يعني بالضرورة عدم فرض قيم اجتماعية أو عقيدية على المجتمع؛ لأن ذلك يؤدي إلى الاستناد إلى المرجعية العقيدية أو الأخلاقية في حل المشكلات الاجتماعية, و هو ما يتعارض مع ديمقراطيات الحل الوسط.
- أما "الحرية": التي تمثل جوهر الديمقراطية فتقوم على النظرة الفردية للإنسان, و على جعله المرجعية العليا في الدولة.و تتحق حرية المرء في النظام الديمقراطي عن طريق إقرار "حرية العقيدة"؛ أي حيادية الدولة تجاه العقيدة, و هي تعني حق الأفراد في تبني ما يشاؤون من عقائد دون تدخل من أحد. و "حرية الرأي" التي تعني - كذلك- حق الأفراد في تبني ما يرغبون من أفكار و مفهومات و معالجات. و قد انبثق عن حرية الرأي "التعددية السياسية"؛ لتعبر عن حق الجماعات المختلفة عقديديا و فكريا في العيش المشترك, و في التنافس السياسي للوصول للسلطة انطلاقا من قاعدة تادول السلطة بين الجماعات المختلفة التي تقوم عليها التعددية السياسية.
فالحرية في تبني الآراء و الدعوة إليها - أيا كان مصدرها و نوعها - مكفولة للجميع في ظل النظام الديمقراطي. كما يعبر الحل الوسط بصدق عن علمانية النظام الديمقراطي؛ و ذلك بإخضاع كل شؤون الدولة للمساومة؛ حيث تخضع جميع القرارات - العقيدية منها و الأخلاقية و المصلحية - للحل الوسط الذي يعد ركيزة رئيسة من ركائز الديمقراطية الغربية العلمانية.
و نظرا لما للفكر الديمقراطي من أثر على الساحة السياسية و على الكتاب و المفكرين المسلمين؛ فقد قدمت الدراسة تحليلا لمواقف عديد من الإسلاميين و الحركات الإسلامية من الديمقراطية. و قد تبين أن [الكثير من] (في الأصل: معظم) الكتاب و المفكرين الإسلاميين المعاصرين ينادون بتبني الديمقراطية؛ إما بالقول بأن تبني الديمقراطية يعد ارتكابا لأخف الضررين, فالديقراطية العلمانية "أقل شرا" من العلمانية الاستبدادية, كما يقولون. أو بالقول بأن الديمقراطية لا تعارض الشريعة الإسلامية, أو بإلباسها ثوبا شرعيا و جعلها جزءا من تعاليم الشرع الإسلامي. و قد أدت المناداة بتبني الديمقراطية إلى إقرار القواعد السياسية التي تقوم عليها كالتعددية السياسية, و التعددية الحزبية, و المشاركة في السلطة, و تداول السلطة عن طريق الانتخابات الدورية.
و بناء على ما سبق؛ نادى الإسلاميون الديمقراطيون بضرورة التعددية السياسية المتمثلة في إفساح المجال لكل التيارات السياسية في لعب دور في الساحة السياسية انطلاقا من حق الجماعات المتبياينة عقيديا في الوجود و في التعايش مع غيرها, و حقها في التنافس من أجل الوصول إلى السلطة. و قد أدى هذا الموقف من التعددية إلى المناداة يالتعددية الحزبية؛ أي إقرار وجود أحزاب سياسية شيوعية و علمانية و غيرها في المجتمع, و السماح لها بالمشاركة في الانتخابات, و في طرح برامجها للتصويت عليها من منطلق حقها في الوجود في مجتمع تعددي.
و قد بينت الدراسة خطأ جعل الديمقراطية أساسا للعمل من أجل استئناف الحياة السياسية الشرعية. فالدولة الإسلامية دولة شرعية يقوم نظامها على تطبيق أحكام الإسلام في واقع الحياة من منطلق سيادة الشرع, و ليس على التعددية أو الحرية السياسية. و في نظام الإسلام السياسي لا يجوز إقرار التعددية الحزبية أو السياسية بالمفهوم الغربي لتعارض ذلك مع قواعد الإسلام السياسية, و الدولة الإسلامية لا تقوم بالرجوع إلى الديمقراطية العلمانية بل بالرجوع إلى أحكام الإسلام و معالجته السياسية المتعلقة بنظام الحكم الشرعي, و غياب نظام الإسلام السياسي لا يجوز أن يؤدي إلى تبني النظام الديمقراطي العلماني مهما سيقت له من حجج و قدمت له من مقدمات؛ ذلك لأن الديمقراطية, و العلمانية, و الاستبداد السياسي, و الدكتاتورية و أنظمة الطغيان كلها "طاغوت" لا يقره الشرع الإسلامي, و لا يدعو إليه بحال من الأحوال.
و قيام بعض الإسلاميين بالدعوة إلى الديمقراطية و تسويغ تبنيها يتقريبها من الإسلام لا يدل بحال على أن الإسلام يجيز تبني الديمقراطية؛ "فلا ديمقراطية في الإسلام, و لا إسلام في الديمقراطية". ا.هـ.